
*حاتم باشات .. الجسر المتين*
____________
وفي اكبر صروحها الصحفية والإعلامية، وصحبتي للرئيس الراحل جعفر محمد نميري مستشارا إعلاميا في سنوات إقامته فيها لاجئا، أتاحت لي فرص لم تتح لكثيرين غيري، وصارت شهادتي في أهلها غير مجروحة، لأنها شهادة صحبة ومعرفة ومعايشة.
ورغم انً اللقاء المشار اليه مع اللواء حاتم باشات والذي استعرض فيه ملامح محدودة جدا من أيامه في السودان يشهد علي تميزه، إلا انً علاقتي الوثيقة به قبل أن يكون قنصلا عاما في السودان، وبعد عودته والتي تستمر حتي هذه اللحظة تجعل شهادتي فيه غير قابلة للمراجعة.
ولقد تعرفت عليه اول مرة علي أيام وكيل المخابرات الراحل اللواء عماد حامد الذي عرفني به صديقي الحبيب الريس عز الدين السيد احد اقطاب وأركان العلاقات السودانية المصرية، واذكر في الايام الاولي لحضوره قنصلا عاما لمصر في السودان، وكانت العلاقات السياسية بين البلدين في اسوأ حالاتها، بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني نبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتي كان بعض اركان نظام الإنقاذ متورطين فيها، تم قصف مصنع الشفاء للأدوية في بحري، وسرت شائعة تزعم ان الطائرات انطلقت من قاعدة بحرية في مصر، فانطلقت مظاهرات عنيفة صوب القنصلية المصرية في شارع الجمهورية وصعد بعض المتظاهرين في سقف الغرفة التجارية الملاصقة للقنصلية من الناحية الغربية، وصار شباك مكتب القنصل في مرمي حجارتهم، فصاروا يقذفونه بحجارتهم التي حطمت كل زجاج الشباك وامتزجت به في ارض المكتب، وكان معه في تلك اللحظة البروفيسور قاسم بدري رئيس جامعة الأحفاد ولكنه خرج وتركه وحيدا في المكتب، ولم يكن معه رقم هاتف في السودان سوي رقمي، فاتصل بي، واتصلت بصديقي اللواء شرطة وقتها محمد نجيب الذي كان في ذاك الزمان مديرا لشرطة ولاية الخرطوم، فحرك قوات مكافحة الشغب، وتحركت خلفهم صوب القنصلية، فلما وصلت وجدت مكتبه قد امتلا بالحجارة والزجاج، ووجدت حاتم صامدا، وزاده هذا الموقف اصرارا للنجاح في مهمته التي وصفها له رئيس المخابرات وقتها اللواء الراحل عمر سليمان باتها لن تكون سهلة.
واللواء حاتم باشات الذي استقبله السودانيون بالحجارة ودعوه بالورود والزهور وعظيم الهدايا، ولم يترك احد من الدبلوماسيين سواء كان من الخارجية او المخابرات بصمة في السودان، وفي قلوب السودانيين قبل دفاترهم كما فعل اللواء حاتم باشات، وفعل كل ذلك باعتماده سبلا غير تقليدية، وبحبه الصادق المخلص للسودان والسودانيين، ونحمد الله الذي اكرمنا اخيرا بسفير مصري غير تقليدي، محب للسودان والسودانيين، ولديه خارطة طريق واضحة السفير الحبيب العظيم هاني صلاح.
تجربة اللواء باشات تجربة جديرة بالدراسة والتأمل، وهو فضلا عن ما انجز خلال فترة عمله في السودان، وبعد ان عاد الي الرئاسة وأصبح مسؤولا عن ملف السودان، ثم وكيلا للمخابرات ظل يحمل ملف السودان وهمومه العامة والخاصة، ولا بد ان أشير هنا الي ان الطباخ السوداني الدارفوري الذي كان يعمل معه في الخرطوم احضره معه القاهرة، ولما نقل الي أيرلندا اخذه معه، ولا يزال معه حتي اليوم وصارا جزءا من أسرته، وحاتم باشات يكاد يكون وحده الذي يدعو الناس في بيته من اخواننا المصريين، وتكون الوجبة كلها من صنع البيت، ويقوم بنفسه وأسرته علي خدمة ضيوفه، وظل يفعل ذلك الي ان نقل مقر عمله الي البيت الذي ولد فيه، فنقل دعواته الي هناك للرمزية التاريخية لهذا البيت ولموقعه المتميز.
_____________
*للانضمام لــ(مهرة) علي الواتساب:*
https://chat.whatsapp.com/I1BmnbNrRP2EdeGsDoQXn6
*للحقيقة نصلها الحاد*