
*خطة سودانية بلا استعانة بالخارج: هل يمكننا بناء اقتصاد ذاتي خلال خمس سنوات؟!*
➖️◾️➖️
▪️في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع، وتراجع العملة الوطنية، وغياب الدولة المركزية، تبرز دعوات كثيرة لإنقاذ السودان من خلال المعونات، أو العودة لصناديق التمويل الدولية، أو “تطبيع مشروط” يفتح أبواب الدعم الخارجي.
لكن السؤال الذي لا يُطرح بجدية هو:
*هل يمكن أن نخرج من الأزمة الاقتصادية دون الاعتماد على الخارج؟*
الإجابة ببساطة: نعم، ممكن – ولكن بشروط صارمة وإرادة وطنية شجاعة.
وليس الحديث هنا عن الانعزال، بل عن الاستقلالية الاقتصادية، القائمة على تحريك مواردنا الذاتية، وتوظيف قدرات المجتمع، ووقف النزيف المستمر في الموارد العامة.
*السودان لا يفتقر إلى الموارد… بل إلى الإرادة والتنظيم..*
▪️يمتلك السودان سلة من الموارد الطبيعية والزراعية والمعدنية والمائية، لا تتوفر بهذه الكثافة في أي بلد مجاور.
لكن الأزمة الحقيقة ليست في الأرض، بل في من يديرها.
ومن هنا، فإن خطة وطنية خمسية (2025–2030) للخروج من الأزمة ممكنة التنفيذ إذا اعتمدت على الآتي:
*أولًا: العودة إلى الزراعة كثورة إنتاج لا كشعار سياسي*
في العامين الأولين، يمكن التركيز على الزراعة المطرية والمروية، خاصة في ولايات مثل الجزيرة، سنار، النيل الأبيض، دارفور، والنيل الأزرق.
الدعم المطلوب ليس دولاريًا، بل تنظيميًا:
🔸️توفير التقاوي المحلية.
🔸️تمكين الجمعيات الزراعية.
🔸️إنشاء صوامع لتخزين الحبوب.
🔸️تحفيز زراعة القمح والذرة والفول والسمسم والسكر.
هذه الخطوة وحدها تُقلل فاتورة الاستيراد بنسبة تصل إلى 40% خلال عامين.
*ثانيًا: تشغيل المصانع المعطلة وإحياء الصناعات البسيطة.*
بحلول السنة الثالثة، يمكن إعادة تشغيل المصانع المحلية للزيوت، الجلود، الصابون، السكر، النسيج، والمياه، عبر شراكات تعاونية محلية.
بعض هذه المصانع لا تحتاج سوى كهرباء منتظمة وإدارة نظيفة.
▪️كما يمكن تنشيط الصناعات الريفية الخفيفة، وتطوير مراكز إنتاج محلية في الولايات تُقلل الاعتماد على المركز وتخلق وظائف حقيقية.
*ثالثًا: الطاقة الشمسية والذهب… حلول بلا ديون*
يمتلك السودان أعلى معدل إشعاع شمسي في العالم، ويمكن لكل منزل ومدرسة أن تُزوَّد بالكهرباء عبر ألواح بسيطة بتكلفة أقل من استيراد الوقود.
▪️أما الذهب، فإن تنظيم التعدين التقليدي، وفرض ضرائب واقعية، وفتح بورصات محلية، يمكن أن يضاعف إيرادات الدولة دون الحاجة لأي قرض خارجي.
*رابعًا: إصلاح المالية العامة دون ضرائب إضافية من خلال:*
🔸️إنهاء الإعفاءات غير القانونية.
🔸️تنظيم الجمارك والمعابر.
🔸️وقف التهرب الضريبي.
🔸️تقليص نفقات الدولة من امتيازات ومخصصات غير منتجة.
يمكن للدولة أن تضاعف إيراداتها خلال 3 سنوات فقط من موارد داخلية.
*خامسًا: إشراك المجتمعات في التمويل والتنفيذ*
▪️بدل انتظار القروض، يمكن إصدار سندات شعبية داخلية، وإنشاء صناديق تنموية تمولها الجاليات ورجال الأعمال، بإشراف مستقل وشفافية كاملة.
هنا يعود الشعب ليكون شريكًا حقيقيًا في الإنتاج والتنمية.
*التحدي السياسي الأكبر: من يملك الإرادة لبدء التحول؟*
كل هذه الخطوات ليست فنية فقط، بل سياسية بامتياز.
فمن دون استقرار، ووقف الحرب، وحكومة مدنية مستقلة الإرادة، لا يمكن تحقيق أي خطة.
لكن في المقابل، لا يمكن انتظار انتهاء الحرب لبناء الاقتصاد؛ إذ يجب أن نبدأ من المناطق المستقرة، ونعمم التجربة تدريجيًا.
*خاتمة: بين الحلم والإمكان*
الاعتماد على الذات ليس حلمًا ثوريًا، بل خيار واقعي أمام شعب أنهكته الحرب والخذلان.
الخطة الخمسية لن تُخرجنا من الأزمة بالكامل، لكنها ترسم أول طريق ممكن لبناء اقتصاد مستقل، عادل، ومنتج.
فهل يجرؤ السودانيون على طرح الحل من الداخل؟
وهل تملك القوى السياسية الإرادة لترك المناصب والجلوس إلى طاولة “إعادة بناء الوطن”؟
قد تكون الإجابة مفتاحًا لما بعد الحرب، لا مجرد خطة اقتصادية.
*د.عبدالرؤوف قرناص*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
للانضمام لـ (مهرة) علي الواتساب :
https://chat.whatsapp.com/KTC00dmFcfa9Id0CI6wZHV
*للحقيقة نصلها الحاد*