غربال الكرامة.. هل يجرؤ رئيس الوزراء؟

*غربال الكرامة.. هل يجرؤ رئيس الوزراء؟*

➖◼️➖

في زمن المعركة، حين تهتز الأرض وتعلو سماء الرصاص، يتمايز الرجال، بعض الولاة لم يختبئوا خلف المكاتب، لم ينتظروا التوجيهات ولا إختبأوا خلف العبارات الدبلوماسية الباردة، بل واجهوا النيران، صنعوا من( الفسيخ شربات) ! ، صمدوا وابتكروا، وبنوا من الخراب أملاً، أولئك لم يكونوا موظفين في الدولة، بل جنوداً في معركة الكرامة، تسلحوا بالإرادة، وحاربوا المليشيا بالفكرة والموقف قبل البندقية، لم تمنعهم ندرة الإمكانيات، ولا هول الاستهداف، ولا جراح المدن، من أن يكونوا في خط النار الأول

 

وبالمقابل، كان هناك من جلسوا على الكراسي وارتجفت أيديهم من مجرد مسؤولية القرار، ولاة فقدوا حس المبادرة، لا يواكبون ولا يتحركون، يراقبون الكارثة عبر الشاشات، وإن نطقوا فبلا روح، وهناك من جاءوا للتو، لا يمكن إنصافهم أو ظلمهم، فالمسافة قصيرة والحكم عليهم الآن استعجال غير منصف

 

رئيس الوزراء الجديد أمام لحظة فاصلة، وقد أمسك غربال التغيير في يده، لكن السؤال الحقيقي: كيف سيكون غرباله؟ هل ستكون فتحاته واسعة، ينفلت منها الجميع؟ أم ستكون ضيقة دقيقة، تمسك بالمجتهد وتغربل المتخاذل؟ هذا الغربال ليس مجرد أداة إدارية، إنه إختبار أخلاقي وسياسي في آن واحد فكل من قاتل في خندق الكرامة يجب أن يُكرم، لا أن يُكافأ فقط، بل يُبقى ليستكمل ما بدأ، فالشرف لا يُنسى، والجهد لا يُمحى

 

من مآسي هذه السياسة البائسة في بلادنا، أن كل مسؤول جديد يبدأ كأنه أول البشر، يلعن من سبق همساً أو جهراً، يهدم ما بُني، لا لقصوره، بل لأنه ليس من صنيعه كأن الوطن ملعب شخصي، لا مشروع مستمر، هذه الخطيئة يجب أن تُقلع من جذورها، على رئيس الوزراء أن ينظر بعين التاريخ، لا بعين المزاج، أن يحكم بما يرى لا بما يُقال له، وأن يختار من يصلح للبناء لا من يصلح للتوازنات

 

إني من منصتي انظر ….حيث أسأل سؤالا مهما : رئيس الوزراء الجديد هل يملك الجرأة؟ هل يملك شجاعة الوقوف مع من قاتلوا وواجهوا وابتكروا؟ هل يملك شجاعة رفض أولئك الذين جلسوا كأن الأمر لا يعنيهم؟ غربال الكرامة في يده، والعيون كلها ترقب… فهل يفعلها؟.

 

*ياسر الفادني*

 

  • Related Posts

    أهمية فرض هيبة الدولة

    *أهمية فرض هيبة الدولة* ➖⬛➖ ▪️ تُعد هيبة الدولة من الركائز الأساسية التي تضمن استقرار الوطن وتعزز من قدرة مؤسساته على القيام بدورها في حفظ الأمن وتحقيق العدالة وتقديم الخدمات للمواطنين. وتبرز أهمية فرض هيبة الدولة في ظل التحديات التي تواجهها البلاد، سواء من نزاعات داخلية، أو تفلتات أمنية، أو محاولات لزعزعة سيادة القانون. ▪️فرض هيبة الدولة يعني تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وتعزيز مؤسسات الدولة على أساس من الشفافية والنزاهة والكفاءة. فبدون وجود دولة قوية تحترمها جميع الأطراف، يصبح من الصعب تحقيق التنمية أو حماية السيادة الوطنية أو حتى الحفاظ على النسيج الاجتماعي السوداني الغني بتنوعه. ▪️إن بسط هيبة الدولة يسهم في ردع المظاهر السلبية مثل حمل السلاح خارج إطار الدولة، والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، وقطع الطرق، ورفض الانصياع للقانون. كما يُعزز ثقة المواطن في الدولة ويشجعه على المشاركة في بنائها بدلًا من اللجوء إلى العنف أو الفوضى لتحقيق المطالب. ▪️ فرض هيبة الدولة السودانية هو مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطنين، تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحًا مؤسسيًا، وحوارًا مجتمعيًا شاملًا، يُفضي إلى عقد اجتماعي جديد يضع السودان على طريق السلام والاستقرار والنهضة

    Read more

    Continue reading
    دفاعا عن المؤسسة

    *دفاعا عن المؤسسة* ➖⬛➖ على حكومة دولة البرهان ان تشدد من غلظتها وقوتها في كل الاتجاهات ليس فقط ضرب وردع مليشيات الدعم بل على من يتطاول على الحكومة ومن القبح ان تشاهد اشخاص هنا وهنالك تخرج وتوجه الاساءة الي قائد الجيش والذي يحارب منتسبيه في ميادين القتال ويخرج شخص يوجه قبح اللفظ على قائدهم لابد من التعاطي بكل الحزم على اي شخص من اي مجتمع وتقديمه الي محاكمة وتشديد العقوبة عليه لانها خيانة في زمن الحرب اساءة (على أكد) قبح وجهل وصلف ارعن هذا الامر لا يحدث الا في السودان اذا لم يتعرض هذا الجنجويدي الداخلي وكما تواجه الاتهامات وصكوك الوطنية رسالة على عليها فتنة وخيانة وطنية مكتملة الاركان نحن ندافع على سيادة مؤسسة رجالها يقدمون ارواحهم فداء للوطن ونستهجن هذه السيولة الامنية التي نشاهدها من امثال هولاء و نعلم كيف تتعامل الدول مع مثل هولاء اضربوا المهازل واوقفوا العبث حتي لا يستشري بين اهل السودان. الله غالب *د.عادل المصطفي

    Read more

    Continue reading

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *